صغار الفلاحين وحقوقهم الغائبة فى تأسيس النقابات المستقلة

لا زالت أوضاع الفلاحين فى ريف مصر تعانى العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ، ويفاقم من سوء تلك الأوضاع غياب حق الفلاحين فى التنظيم ، من خلال حقهم فى تأسيس مؤسساتهم المدنية من نقابات ، تعاونيات  وفقا لإرادتهم الحرة والمستقلة ، وعلى الرغم من حصول الفلاحين على هذا الحق فى اعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير وبروز عدد من النقابات الفلاحية فى ريف مصر.إلا إن هذا الحق لازال يواجهه العديد من صور التتعسف والتعنت الذى تمارسه مديريات القوى العاملة فى مصر بشأن إنشاء وإشهار المنظمات الفلاحية المستقلة ، حيث يتم فرض العديد من القيود من بينها التأكد من وجود مهنة فلاح ببطاقة تحقيق الشخصية كشرط للأنضمام للنقابة ، هذا مع العلم أن هناك العديد من الفلاحين فى مصر يعملون بمهنة الزراعة وفلاحة الأرض دون أن يكون مقيدا فى وظيفة فلاح ببطاقة تحقيق الشخصية ، لأن اثبات المهنة كفلاح يتطلب أن يكون لدية حيازة أرض زراعية ، وهذا الشرط لا ينطبق على ما يقرب من مليون فلاح فى مصر يعرفون بـــ “فلاحون بلا أرض ” حيث يمارسون الزراعة ويقومون بتربية الماشية، أو إنتاج داجنى ….إلخ لكنهم غير مسجلين فى سجلات الجمعيات الزراعية الرسمية كحائزين أو كفلاحين لعدم امتلاكهم لأرض زراعية التى تعد شرطا أساسيا للاعتراف بالفلاح ومبرر لأعطائه مهنة فلاح فى بطاقة تحقيق الشخصية ، أيضا نفس الحال بالنسبة للنساء العاملات فى الزراعة ، ففى الوقت الذى لا تعترف فيه قوانين العمل المصرية وبخاصة قانون 12 لسنة 2003 المسمى بقانون العمل الموحد بالنساء العاملات فى الزراعة ، على الجانب الآخر تطالب العديد من مديريات القوى العاملة فى مصر بضرورة أن تكون بطاقة تحقيق الشخصية مدون بها مهنة عاملة زراعية كشرط للانضمام لتأسيس نقابة للنساء العاملات فى الزراعة وهو أمر يزيد من تهميش النساء العاملات فى الزراعة وإقصائهن من أى حقوق قد ترد لهم فيما يتعلق بالحق فى التأمين الصحى او الضمان الاجتماعى ، أو حقهم فى إنشاء أى مؤسسات نقابية تدافع عن حقوقهم فى ممارسة الزراعة وما يرتبط بها من أنشطة مع العلم أن تعداد النساء العاملات فى الزراعة يتجاوز أربعة ملايين سيدة .

أيضا هناك العديد من المشكلات التى تحول دون قدرة هذه النقابات على تنمية مواردها الذاتية  ، حيث نجد العديد من صور وأشكال الرفض للعديد من نقابات صغار الفلاحين فى إمكانية اعتماد الختم الخاص بها لدى العديد من الجهات الإدارية وعلى رأسها إدارة السجلات المدنية ، الأمر الذى يدفع بصغار المزارعين إلى نقابة المهن الزراعية “وهى نقابة مهنية وليست عمالية ” فى الحصول على اعتماد أوراقهم الخاصة ببطاقات الرقم القومى منها ، وما يترتب على ذلك من مبالغ مالية يتم تحصيلها من صغار الفلاحين بدلا من الاستفادة بها كموارد مالية لصالح نقاباتهم الناشئة .

ولعل غياب قانون الحريات النقابية عن الصدور حتى الآن يضع العديد من المزيد من القيود والعراقيل أمام نقابات صغار الفلاحين فى الريف المصرى حتى الآن ، إضافة إلى عدم تصديق الحكومة المصرية حتى الآن على الاتفاقية 141 لسنة 1975 الخاصة بعمال الريف .

فى السياق ذاته هناك العديد من المشكلات الداخلية التى تواجه نقابات صغار الفلاحين من بينها :

– إنخفاض المعرفة بأهمية العمل النقابى فى الريف المصرى .

– صعوبة إجراءات التاأسيس وسلبية المسئولين بمديريات القوى العاملة المختصين بالتاسيس .

– العداء الذى تواجهه النقابات من الجهات الرسمية

– ضعف الموارد المالية نظراً لضيق الظروف المعيشية وصعوبة التواصل مع الاعضاء .

– عدم إستكمال البناء المؤسسى للنقابة وضعف البناء التنظيمى وضعف العضوية وتقاعس أعضاء النقابة عن سداد الاشتراكات الشهرية .

– الصعوبات الخاصة بجذب أعضاء جدد للنقابة .

– صعوبة الحصول على مقر ثابت للنقابة يسهل العمل وعدم وجود قاعة لعقد الندوات .

– سوء إختيار البعض من أعضاء مجلس الادارة .

– .صعوبة تقديم خدمات لأعضاء النقابة بسبب ضعف الموارد المالية .

– عدم وجود دعم مادى وفنى ومعنوى من الدولة للنقابات فى الريف

– حداثة عهد الريف بالعمل النقابى وعدم الوعى بأهمية العمل الجماعى .

فى هذا السياق فإن الجمعية المصرية للحقوق الجماعية تطالب بضرورة تطبيق مواد الدستور الصادر فى 2014 بإصدار قانون الحريات النقابية بحيث يتضمن التأكيد على الإرادة الحرة للفلاحين والعمالة الزراعية فى ريف مصر ، أيضا المطالبة بتعديل قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 بالأعتراف بالعمالة الزراعية من النساء العاملات فى الزراعة وإسباغ الحماية القانونية عليهن ، أيضا ضرورة إصدار قانون موحد للتعاونيات يستند إلى التعددية التعاونية والإرادة الحرة فى تأسيس التعاونيات كمدخل للتمكين الاقتصادى وأيضا لإعمال مبدأ السيادة الغذائية لصغار الفلاحين والعاملات والعاملين فى قطاع الزراعة والورادة بنص المادة 69 من الدستور المصرى .

المطالبة بتصديق الحكومة المصرية على الاتفاقية 141 الخاصة بالعمالة الريفية كمدخل لتأكيد حقوق العاملين فى قطاع الزراعة وما يرتبط به من أنشطة .

تحريرا فى :25/9/2014